حسن ميكري، الذي عرفه المغاربة رفقة باقي إخوة ميكري موسيقيين "نوعيين" اهتزت لهم طربا أفئدةُ المغاربة صغيرهم وكبيرهم ومن كل الفئات الاجتماعية، هو أيضا فنان كاليغرافي حتى النخاع؛ فقد أسعفه حسه الفني والموسيقي بأن يكون أحد الفنانين التشكيليين النوعيين كذلك في مجال التشكيل النصف تجريدي، وأبى إلا أن يغوص في الرسم والكاليغرافيا الفارسية بحدس ذاك الفنان الباحث دوما عن الاكتشاف وسبر أغوار "اللوحة" كما هي متعارف عليها في الكتاتيب القرآنية واللوحة بصفة عامة، وهي التي شاءت لها ريشة حسن أن تكون مشاكسة على بياض الرقعة العربية الإسلامية الضاربة جذورها في عمق الحضارة والتاريخ.
وأثناء رحلتي الشهيرة "الإبن بطوطية"، يقول حسن ميكري لـ"الصباحية"، التي قمت بها رفقة مجموعة الإخوة ميكري إلى دول آسيوية كالهند والنيبال وإيران، ودول أخرى عربية للتعريف بموسيقى ميكري، استوقفتني بعض الرسوم الأيوقونية بمدينة طهران والتي كانت تعود إلى سنين خلت، ورأيت أنها تفتقد إلى التناسق فيما بينها، وعندما رجعت إلى المغرب انكببت على تطوير ما كنت بدأت في هذا الفن.
اشتغل حسن ميكري في الظل أو بالأحرى في الخفاء، لأن فن الرسم الأيقوني الذي رُدم، يقول حسن لـ"الصباحية"، منذ أربعة عشر قرنا عندما تم قتل أول شخص رسمه وكان فارسيا، ظل واحدا من الطابوهات التي ابتليت بها المجتمعات العربية والإسلامية نظرا لكون هذا الفن يشتغل على آيات قرآنية، وبدعوى تحريم الصورة شرعا، وجاءت مخاطبة الراحل الحسن الثاني قُبيل رحيله بسنتين تقريبا، عندما استقبل عددا من العلماء على هامش الدروس الحسنية مؤكدا لهم عدم وجود نص شرعي يحرم الموسيقى والرسم، في الوقت المناسب مما جعلني، يضيف ميكري، أتحرر من توجسي وأخرج للعمل علنا.
وباختيار حسن ميكري لفن الكاليغرافيا يكون قد اختار اقتحام الحرف والرمز حيث السفر بعيدا إلى عوالم يوجد بها الكثير من الروحيات والصوفية لارتباطها بالنص الديني الذي يزخر بالمعاني السامية ورسالة السلام وحب الإنسان التي يطفح بها.
ويعتمد الفنان في أعماله على "اللوحة" القرآنية، تلك التي لها ارتباط وثيق بالإنسان المغربي والعربي والإسلامي على حد سواء، حيث تعتبر الانطلاقة الأولى لهذا الإنسان في مسار تعلمه أبجديات القراءة، ولكن الفنان حسن امتطاها كي تكون منبرا له من أجل الانطلاق والإبداع والتجديد والابتكار والسفر ميتافيزيقيا إلى سمو الأخلاق ونبلها، خاصة في مثل زماننا هذا الذي نحياه اليوم بالشهر الكريم.
ارتبط حسن ميكري بباقي عائلة ميكري موسيقيا وهي العائلة التي يرسم بها كذلك كل من محمود وجميلة والوالد الذي كان رساما كبيرا في زمانه الذي لم يتح له فرصة إظهار مواهبه، ولكن حسن هو أيضا مترجم ورئيس مؤسس للجنة الوطنية لموسيقى المغرب، كما أنه عضو في المجلس العالمي للموسيقى التابع لمنظمة اليونسكو الأممية، وسمحت له مواهبه المتعددة بأن يشارك في العديد من المهرجانات والتظاهرات الثقافية الوطنية والعربية والدولية. حاصل على عدد من الجوائز آخرها كان هذه السنة حيث نال الميدالية الذهبية الممنوحة من طرف أكاديمية فنون وعلوم وآداب بباريس.
وكان أول ظهور للفنان والرسام والكاليغرافي حسن ميكري برواق "لو مانوار" قبل سنوات عندما اكتشف فيه كل الذين عرفوه فنانا ورساما وهم الذين لم يعرفوا عنه من ذي قبل غير الموسيقى، وهناك التقى حسن "جون غوش" رئيس المهرجانات الفلكلورية بأوروبا والذي يدير في نفس الوقت مهرجان "ثقافات العالم" بـ"كانا" بفرنسا، والذي استدعاه لحضوره في دورة 1997.
5/11/2008
الفنان حسن ميكري
يعرض الفنان حسن ميكري بداية من يوم أمس الخميس برواق الفنان ميلودي نويكة بمدينة الاوداية التاريخية تشكيلة جديدة لأعماله الكاليغرافية ومن ضمنها "لوحة" قرآنية تعتبر أكبر "لوحة" قرآنية في العالم، وهو المعرض الذي اختار له الفنان ميكري اسم " فن الخط الأيقوني الفارسي، أو سلطة الحرف".
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق